هل قال أحدهم شيئًا في أحد المجالس يومًا ما لكنه لا يزال عالقًا في ذهنك؟ إذا سألتني فسوف أجيب بـ: الذكاء الاصطناعي أخطر مما نظن.. لم أستطع التوقف عن التفكير بهذه العبارة، أصابني الفضول مصحوبًا ببعض من القلق؛ لأن التقنية بالفعل حلت محل العديد من الأشياء في حياتنا إما بشكل إيجابي أو سلبي، ولبعض هذه الأشياء منافع ومساوئ في الوقت ذاته: التسوق، الدفع، الكتب، اجتماعات العمل، الرسائل، الصحف المليئة بالمقالات، كل هذه الأمثلة التي ذكرتها بالإضافة إلى أخريات أصبحت الكترونية.
العالم بشكل عام والتقنية بشكل خاص في تطور مستمر لذا ليس من المستبعد أن تفقد بعض الوظائف الحياتية والعملية قيمتها لأن التقنية تقضي أمرها بسرعة أكبر وجهد أقل.
ولكن بصفتي كاتبة محتوى، ومحبة للقراءة والأدب؛ أسأل: هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من القضاء على مستقبل الأدباء؟
لنفهم أولًا ماهو الذكاء الاصطناعي: يعرف أخصائيو الذكاء الاصطناعي (AI) على أنه مجموعة حزم برمجية تم تصميمها وتطويرها بعناية لتكون قادرة على إظهار المنطق والقدرات (الشبيهة) للبشر، للتفاعل مع البيئة المحيطة. وما أود لفت الانتباه إليه هو أن هذه الحزم البرمجية نتاج عمل الإنسان نفسه.
الذكاء الاصطناعي يمثل آلة تحمل كمية هائلة من المعلومات قد لا يستطيع البشر الإحتفاظ بها. لكن يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديم هذه المعلومات بأفضل الطرق على الإطلاق؟
تعتمد الإجابة على طبيعة النص المراد كتابته. بالطبع للذكاء الاصطناعي قدرات مبهرة في كتابة نصوص جذابة ومتميزة بمستويات متفاوتة، وقد يتفوق أحيانًا على بعض الأفراد. ولكن برأيي الشخصي، فإن الذكاء الاصطناعي يهدد فقط مستقبل الأدباء ضعيفي المستوى؛ فهناك حدودٌ لمخيلتهم، وأفكارهم، وقدراتهم. لأن ما نطلق عليه “ذكاء” في هذه الأنظمة هو مجرد قدر كبير من المعلومات، فهو لا يملك عقل الإنسان، ولا تركيبته الفكرية. لذا فالذكاء الاصطناعي مجرد أداة، تستطيع توسيع آفاقنا ومساعدتنا لتوليد وتنظيم الأفكار الإبداعية، لكنها لا تستطيع أن تحل محل الأديب المبدع.
في النهاية؛ التقنية وسيلة قد تدعم وتيسر حياة الأدباء، وبالتالي الكاتب الذكي يعرف مدى قدراته ويستطيع أن يوظف هذه الأداة ليعزز من إبداعه ويزيد من كفاءة أعماله.
إن مستقبل الأدباء سيظل محفوظًا بأيدي المبدعين الذين يرون في الكلمات وسيلة لتغيير العالم وإلهام والآخرين، مهما تطورت التقنية.