المدونة

وميض القلم 🖊️

القرآن مداد البيان

العقلُ وعاءٌ، واللسانُ مِغرفتُه. والعقل مَلِكٌ مُدبِّرٌ، واللسانُ رسولُه وتَرجمانُه. فما حُشِيَ العقلُ بشيءٍ إلا وفَلَتاتُ اللسانِ تُظهِرُه، ولا قَصَد مَقصدًا إلا وتَصاريفُ الكلامِ تُبيِّنُه. ألا ترى المجنونَ والنائمَ والرضيعَ والحيوانَ كيف -إذ حُجِبَت عقولُهم- تنطلقُ ألسنتُهم بما لا يُعقَل؟ وألا ترى العقلاءَ تتفاضلُ أحاديثُهم بتفاضلِ عقولِهم؟ أَوَلا يُعرَف بفضلِ كلامٍ على كلامٍ فضلُ عقلٍ على عقلٍ؟ وأنت إذا رأيتَ الطفلَ يتكلمُ بكلامِ الكبارِ عرفتَ أنه لم يُلهَم إلهامًا ولم يُولَد تامَّ الآلةِ، وإنما أُفرِغَ في عقلِه ما يُلائم ما سمعتَ من كلامِه، لا ما يُلائم سِنَّه وعادةَ أترابِه. وكذلك الكبيرُ يتكلمُ بكلامِ الصغارِ فتعرفُ أنه سَدَّ بابَ عقلِه، أو فَتَح عليه ما

Loading

أكمل القراءة

الشَّغف برمضان ..

الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم ومن والاه. أما بعد:  فالشَّغَفُ في كلام العرب يُطلق على شدّة الحب والتعلّق بالشيء حتى يبلغ شَغاف القلب، أي: غلافه أو باطنه. جاء في معاجم اللغة وكتب التعريفات: الشَّغَفُ: هو إحراق الحبّ القلبَ حتى يبلغ شَغافَه، وهو غلافه. ويقال: شَغِفَ به إذا أحبّه حبًّا شديدًا، كما ورد في القرآن الكريم في وصف حبّ امرأة العزيز ليوسف عليه السلام:(قد شغفها حباً) [يوسف:30]، أي: بلغ حبّه شَغاف قلبها. وفي علم النفس يُعرّف الشغف على أنه: دافعٌ داخلي قوي يُحفّز الشخصَ للانخراط في نشاط مُعيّن بحماس واستمتاع، مما يجعله يستثمر فيه وقتًا وجهدًا. فإذا تقرّر

Loading

أكمل القراءة

فَثوَى حَوْلاً وسَبَّ العَجَلَهْ

من يتّصل بالبيئة العلمية، ويقترب من الميادين المعرفيّة يدرك التباين بين المنتسبين إليها، والاختلاف بين المنتمين لها في الطبائع والالتزام والاهتمام والمهارات وغيرها، و في مقال سابق تحدثت عن طالب العلم المتعجّل، وهو يمثّل واقع طائفة من المشتغلين بالعلم، وبالأخص في زمنٍ توفّرت فيه المنابر الإعلامية الشخصيّة، وفي هذا المقال نتحدث عن طائفة أخرى لا تقلّ كثرة عن الأولى، وهي طائفة شعارها غير المعلَن (التلكؤ والسير الوئيد) فإن كان الأول متعجّلا لا يدرك خطورة العجلة، متهورًا لا يدري نتيجة فعله، فإنّ الآخر عاتمٌ قد استبدّ به التريث حتى خمد، يراوح مكانه دون أن يبلغ الغاية ويمكن تقسيم هذه الطائفة إلى قسمين: القسم الأول:

Loading

أكمل القراءة

من فوضى الشروح إلى فوضى المتون

من فوضى الشروح إلى فوضى المتون من المنهجيّات التأصيلية التي تقرّرت في وسطنا العلميّ: أن يتخذ الطالب لنفسه متناً علميّاً معيّناً مختصراً ثم يطالع شرحَه أو شروحه…ثمَّ أصبحت المتونُ العلمية التي يدور عليها الطلابُ معدودةً ولكنَّ الشروحَ عديدة، فأضحى للمتن الواحدِ أكثرَ من عشرين شرحاً معاصراً، وبهذا يضيع الطالب بين الشروح ويتشتّتُ بينها، وهذا ما عايشه جيلُنا ويعايشه الجيلُ الجديدُ بصورةٍ أكبر؛ ولذلك ما زلنا نرى أسئلةَ المناهج التأصيلية ما زالت تترى ولم تتوقف بعد، مع أنَّ الإجابةَ في المتون تكاد تكون واحدةً، ولكنّ الشروح هي التي تختلف إجاباتها بحسب المجيب، وهذا لابد أن يقعَ مع تعدد الشروح واختلافها ! ولكلّ ما سبق

Loading

أكمل القراءة

(تقديس الذوات والأفكار بين الشرق والغرب)

في قراءتي المتواضعة لتاريخ الأديان والأفكار وجغرافية المذاهب والنحل والملل، يتسلل إليّ شيء من التصور الآتي: وهو أن تقديس الذوات وتأليهها يميل تجاه الشرق غالباً، وتقديس الأفكار وتأليه المذاهب غالباً ما يكون باتجاه الغرب، فالعقلية الشرقية تميل إلى التمركز حول الذات، والانطلاق منها في بناء الثقافات والحضارات، وهذا أخذ أشكالاً مختلفة في تاريخ الشرق، منها صناعة المستبد الإله ، وطاغية كوريا الشمالية في أقصى الشرق هو امتداد لهذه الظاهرة التاريخية، ونجاح التشيع الاثني عشري في العراق وامتداده شرقاً من أسبابه وجود هذه القابلية، ولذلك كان الخميني ذكياً حين ابتكر ( إمامة الفقيه ) لإخضاع الناس وإحكام السيطرة عليهم ، ونجاحه إنما تم بتحويل

Loading

أكمل القراءة

نحن ناجحون!

نحن ناجحون! من التهجّي إلى التأويل تعرّفت على النجاح من هذه الجملة الاسمية التي كانت أوّل جملة تصافحني في الطريق إلى عالم النص، عالم الكلمات المرقومة بعناية بالغة على ورق صقيل له رائحة العالم الجديد. أخذتني أمي إلى ابن خالي، أو دعت ابن خالي إلى بيتنا ليضع إصبعي على السطر ويقرأ: نحن ناجحون من الصف الأوّل إلى الصف الثاني، ومن الصف الثاني إلى الصف الثالث، ومن الصف الثالث إلى الصف الرابع، ومن الصف الرابع إلى الصف الخامس، ومن الصف الخامس إلى الصف السادس. بدا لي نسيج النص أشبه بمدرج يرتقي بي إلى أعلى، وحين بلغت الصف السادس شعرت بشعور خفي، أو كأنما سمعت

Loading

أكمل القراءة