وميض القلم 🖊️
دور الشاعر في تعزيز الهُويّة اللغوية
لا يخفى علينا أن منزلة الشاعر منزلة رفيعة في الثقافة العربية، وكان الشاعر يقوم بأدوارٍ كبيرة لا يقوم بها شيخ القبيلة، فهو لسانهم الذي يتحدث عنهم في السلم والحرب والنزاع والصلح، وغير ذلك من المناسبات، هذا ما وثّقته كتب التاريخ والأدب . وكانت القبائل العربية تحتفي ببزوغ شاعر فيها، وجاء الإسلام وعزّز هذه المكانة للشعراء بيد أنه أحاطها بأحكامه الشرعية، واستمرت هذه المكانة للشعراء عبر العصور إلا أنها تضعف حينا وتقوى حينا آخر، ولكنّ هذا لا يلغي أن الشاعر عليه مسؤولية كبيرة تجاه مجتمعه وأمّته . وما زالت كثير من القبائل العربية في حياتها الاجتماعية تقدم شعراءها متحدثين عنهم وإن
اللغة رمز الهُويّة
اللغة في الأصل: “أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم”، فهي نظام من الأصوات، تستخدمه أمة معينة، وفق قواعد محددة، للتعبير عما يختلج في نفوس أصحابها، وليست اللغة مجرد وعاء لفظي يحلّ فيه الفكر، وإنما الفكر نشاط ذهني غير مستقل عن اللغة، ولذلك اختار الله الرسل بلغات أقوامهم؛ ليكتمل الفهم، وتُبْنَى القناعات، وتقوم الحجة على الذين يتخلفون عن ركب الحضارة الذي يقوده الرسل عليهم الصلاة والسلام، وسماها القرآن الكريم اللسان، قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” إبراهيم 4،وقد ارتبط مفهوم الهُوية منذ ظهوره بمصطلح اللغة، فاللغة كانت
الحبل المتين
العربية حبل الأمة المتين الذي يشد أزرها ويثبت أركانها ويصل حاضرها بماضيها ودينها بدنياها وشريعتها بأهلها وهي عقدها الثمين الذين يزين صدر عزتها ويحلي جيد أرومتها ويغلي مهرها لخطابها وحليها لطُلابها فإذا ما انفصم الحبل وانفرط العقد فلا تسل عن جهل بالقرآن والسنة وإلحاد فيهما وغربة لنصوص الشريعة بين دارسيها ومتخصصيها فإذا أمهل الشرعي والفقيه والمحدث العربية كان كرجل انجليزي معاصر يفسر شعر شيكسبير أو مصري عصري يحاول فهم رموز حجر (شامبليون ) ساعتئذ فلتبك على تراثنا البواكي ولتنح على فهمنا له النائحات وهل ضل من ضل من علماء الشريعة إلا لجهله بهذه اللغة وإذا أهملنا اللغة لقي العربي أخاه -مع اختلاف الأقطار
خواطر في الكتابة
لا تنهض همّةُ الأديب على الكتابة إلا اذا اطمأنت نفسُه من وجود القارئ الذي يحسن تلقي النص الذي يكتبه ويعطيه من الرعاية ما يستحق؛ فإنَّ أثقل شيء عليه اذا كتب نصاً ونشره أن يحتفيَ الناسُ بأقل ما فيه من أفكار ومعانٍ ويعطوها من الرعاية والتأمل ما يزيد عن حقها، ثم هم بعد ذلك يمرون على مواطن إبداعه وذروة إنتاجه مرور الغافلين. ومن هنا فإن الذين أخذوا بزمام الأدب والإبداع أخذَ الجادين المتمكنين؛ لا يبحثون عمّن يثني على إنتاجهم أو يكتفي بإبراز مجمل مقاصدهم -وإن كان هذا أمرٌ يفرحُ به الكاتب بلا شك- بل يبحثون في المقام الأول عمّن يفهمهم ويتوصل بفهمه إلى دقيق